فصل: النوع الثالث مما يكتب في الولايات السلطانية

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: صبح الأعشى في كتابة الإنشا **


  الضرب الثاني المراسيم المصغرة

وهي مايكتب في قطع العادة وبها يكتب لأرباب السيوف بالولايات الصغيرة مثل نظر الأوقاف ونحوه‏.‏وهي صنفان‏:‏

الصنف الأول - مايترك فيه أوصال بياض بين الطرة والبسملة وهي أعلاها ويكتب بالسامي بغير ياء أو مجلس الأمير‏:‏ وصورتها أن يكتب في الطرة‏:‏ مرسوم شريف أن يستقر المجلس السامي الأمير فلان الدين أو مجلس الأمير فلان في كذا وكذا بما لذلك من المعلوم الشاهد به ديوان الوقف أو نحو ذلك على ماشرح فيه ثم يكتب في الصدر بعد البسملة ما صورته‏:‏ رسم بالأمر الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي الفلاني باللقب الخاص ولقب السلطنة ويدعى له بما فيه براعة الاستهلال بذكر الوظيفة أو اسم صاحبها أو لقبه ونحو ذلك وأقلها ثلاث فقرات فما زاد أن يستقر المجلس السامي الأمير الأجل إلى آخر ألقابه أو أن يستقر مجلس الأمير الأجل إلى آخر الألقاب لما له من كذا وكذا ويأتي من صفات المدح بما يناسب المقام ثم يقال‏:‏ فليباشر ذلك أو فليتلق ذلك أو فليقابل صدقاتنا الشريفة بكذا ونحو ذلك ثم يوصى بما يليق به ويدعى له بدعوتين فقط ثم يقال‏:‏ بعد الحظ الشريف العالي أعلاه الله تعالى‏.‏

قلت‏:‏ وهذا الصنف إن روعي صاحبه كتب في قطع العادة المنصوري وإلا ففي قطع العادة الصغير‏.‏

قال في التثقيف‏:‏ ومما ينبه عليه أنه لايكتب مرسوم شريف في قطع العادة إلا بمثل نيابة الشقيف بسفد وصرخد وعجلون والصبيبة فإنه لايولى فيها إلا مقدم حلقة أو جندي ومثل هذا لايكتب عن المواقف الشريفة إلا نادراً فإن كفال الممالك يستبدون بالتولية في ذلك‏.‏

الصنف الثاني - مايكتب في هيئة ورقة الطريق

ويكون في ثلاثة أوصال وصورته أن يكتب في الطرة ماصورته‏:‏ مرسوم شريف أن يستقر فلان أو أن يرتب فلان في كذا وكذا على ماشرح فيه ويكون ذلك في سطرين ولا يكتب في أعلاه اسم الشريف كما يكتب في غيره‏:‏ لأن من المعلوم أنه لايكتب في هذا إلا الاسم الشريف فيستغنى عن ذكره ثم يكتب في آخرذلك الوصل‏:‏ رسم بالأمر الشريف على نحو ماتقدم إلا أنه لايحتاج في الدعاء إلى مايكون فيه براعة استهلال بل يكفي أعلاه الله وشرفه وأنفذه في الآفاق وصرفه ونحو ذلك أن يستقر فلان في كذا أو يرتب في كذا فليعتمد ذلك ويعمل بحسبه ومقتضاه بعد الخط الشريف أعلاه الله تعالى أعلاه إن شاء الله تعالى‏.‏

  النوع الثالث مما يكتب في الولايات السلطانية

التفاويض جمع تفويض وهو مصدر فوض الأمر إلى زيد إذا رده إليه ومنه قوله تعالى‏:‏ وأفوض أمري إلى الله أي أرده إليه‏.‏

قال في التعريف‏:‏ وبه يكتب لعامة القضاة يعني ممن دون أرباب التقاليد وهي من نمط التقاليد غير أنها يقال في تعريفها تفويض شريف لفلان بكذا‏.‏

ومقتضى ماذكره أنه إذا كتب تفويض شريف لفلان بكذا ومقتضى ماذكره أنه إذا كتب تفويض شريف بقضاء قضاة الديار المصرية مثلاً يكتب في الطرة‏:‏ تفويض شريف للمجلس العالي القاضوي الكبير بقضاء قضاة المالكية بالديار المصرية على أجمل العوائد وأكمل القواعد بالمعلوم الشاهد به الديوان المعمور على ماشرح فيه ثم يأتي بنحو ما تقدم ترتيبه في التقاليد إلا أنه يكون أخصر‏.‏

قلت‏:‏ ولم أقف على نسخة تفويض غير نسخةٍ واحدةٍ من إنشاء المقر الشهابي ابن فضل الله لبعض قضاة دمشق‏.‏

وقد أنشأت أنا تفويضاً بقضاء قضاة المالكية في الديار المصرية لقاضي القضاة جمال الدين يوسف البساطي حين ولي على أثر ولاية بقاضي القضاة جلال الدين البلقيني قضاء قضاة الشافعية افتتحته بلفظ‏:‏ الحمد لله الذي شفع جلال الإسلام بجماله وكتبت له به وكتبت في طربته‏:‏ تفويض شريف للمجلس العالي القاضوي الجمال يوسف البساطي المالكي عز الله تعالى أحكامه بقضاء قضاة المالكية بالديار المصرية على أجمل العوائد وأكمل القواعد على ماشرح فيه‏.‏

وقرأته بالمجلس العام بالمدرسة المنصورية‏.‏

وسيأتي ذكر نسخته في الكلام على النسخ في المقصد الثاني من هذا الطرف إن شاء الله تعالى

  النوع الرابع التواقيع

جمع توقيع قد تقدم في مقدمة الكتاب عن ابن حاجب النعمان في ذخيرة الكتاب‏:‏ أن التوقيع معناه في اللغة الخفيف ومنه قولهم‏:‏ ناقة موقعة الجنبة إذا أثر فيها الرحل تأثيراً خفيفاً وأنه يحتمل غير ذلك‏.‏

وفي اصطلاح الأقدمين من الكتاب أنه اسم لما يكتب في حواشي القصص كخط الخليفة أو الوزير في الزمن المتقدم وخط كاتب السر الآن ثم غلب حتى صار علماً على نوع خاص مما يكتب في الولايات وغيرها‏.‏

قال في التعريف‏:‏ وهي على أنموذج التفاويض‏.‏

قال‏:‏ وقد يقال‏:‏ أن يرتب وأن يقدم ثم قال‏:‏ وعنوانها توقيع شريف لفلان بكذا ولا يقال فيها على اختلافها‏:‏ وسبيل كل واقفٍ عليه كما في التقاليد يل يقال‏:‏ فليعتمد ما رسم به فيه بعد الخط الشريف أعلاه‏.‏

وقد ذكر في التعريف أنها يكون لعامة أرباب الوظائف جليلها وحقيرها وكبيرها وصغيرها حتى الطبلخانات اللاحقين بشأو الكبار فمن دونهم‏.‏

وقال في التثقيف‏:‏ إنها مختصة بالمتعممين من أرباب الوظائف الدينية والديوانية ولا يكتب لأرباب السيوف منها إلا القليل‏:‏ مثل نظر البيمارستان ونظر الجامع الجديد ونظر الحرمين الشريفين يعني حرم القدس وحرم الخليل عليه السلام‏.‏

قلت‏:‏ والجامع بين كلاميهما أنه في زمن صاحب التعريف كانت التواقيع تكتب بالوظائف لأرباب السيوف من النيابات وغيرها قبل أن تحدث المراسيم المكبرة المقدمة الذكر ثم خصت التواقيع بعد ذلك بالمتعممين دون أرباب السيوف‏.‏

ومضى الأمر على ذلك في زمن صاحب التثقيف فحجرى على حكمه ولم يبق ممن يكتب له توقيع من أرباب السيوف سوى نظار الجهات الثلاث المتقدمة الذكر‏:‏ من البيمارستان المنصوري والجامع الجديد الناصري بمصر ونظر الحرمين‏:‏ حرم القدس الشريف وحرم الخليل عليه السلام‏.‏

والحكم باقٍ على ذلك إلى الآن‏.‏

الطبقة الأولى ما يفتتح بخطبة مفتتحة بالحمد لله وفيها مرتبتان المرتبة الأولى - ما يكتب في قطع النصف بقلم خفيف الثلث‏.‏

قال في التثقيف‏:‏ وصورته يعني ما يكتب لأرباب الأقلام أن يكتب في الطرة‏:‏ توقيع شريف بأن يفوض إلى المجلس العالي القاضوي الكبيري الفلاني ويدعى له دعوةً واحدة نظر الجامع الجديد الناصري بما جرت به عادته على أجمل العوائد وأكمل القواعد بالمعلوم الشاهد به الديوان المعمور إلى آخر وقتٍ على ما شرح فيه قال‏:‏ فإن كان حاكماً كتب له بعد الكبيري الحاكمي‏.‏

وإن كان كاتب السر كتب له بعد الكبيري اليميني لا غير‏.‏

ثم يكتب في الصدر خطبة مفتتحة بالحمد لله ثم يقال‏:‏ أما بعد والتتمة على نظير ما ذكر في التقاليد إلا فيما يليق بالوظيفة والمتولي لها مما يناسب الحال‏.‏

وقد ذكر في التثقيف أنه كان يكتب بذلك للقضاة الأربعة بالديار المصرية والقضاة الأربعة بالشام وكاتب السر بمصر والشام وناظر الجيش بهما وناظر الدواوين المعمورة والصحبة الشريفة وهو ناظر الدولة‏.‏

وحينئذ فإن كتب بذلك لقاضي القضاة الشافعية بالديار المصرية على ما كان الأمر عليه أولاً كتب في الطرة توقيع شريف بأن يستقر المجلس العالي القاضوي الكبيري الفلاني فلان‏:‏ أعز الله أحكامه في قضاء قضاة الشافعية بالديار المصرية على أجمل العوائد وأتمها وأكمل القواعد وأعمها بما لذلك من المعلوم الشاهد به الديوان المعمور على ماشرح فيه‏.‏

وإن كتب به لقاضي القضاة الحنفية على ماكان الأمر عليه أولاً أيضاً كتب له نظير قاضي القضاة الشافعية إلا أنه يبذل لفظ الشافعية بالحنفية‏.‏

وإن كتب لقاضي القضاة المالكية على ما الأمر مستقر عليه الآن كتب له كذلك وأبدل لفظ الشافعية والحنفية بالمالكية‏.‏

وإن كتب به لقاضي الحنفية على ما كان الأمر عليه أولاً أيضاً كتب له نظير قاضي القضاة الشافعية إلا أنه يبدل لفظ الشافعية بالحنفية‏.‏

وإن كتب لقاضي القضاة المالكية على ما الأمر مستقر عليه الآن كتب له كذلك وأبدل لفظ الشافعية والحنفية بالمالكية‏.‏

وإن كتب لقاضي القضاة الحنابلة فكذلك ويقال فيه الحنابلة‏.‏

وإن كتب به لأحد من القضاة الأربعة بالشام فكذلك إلا أنه يقال قضاء قضاة الشافعية أو الحنفية أو المالكية أو الحنابلة بالشام المحروس‏.‏

وإن كتب به لكاتب السر على ماكان الأمر عليه أولاً كتب‏:‏ توقيع شريف بأن يفوض إلى المجلس العالي القاضوي الكبيري اليميني فلان ضاعف الله تعالى نعمته صحابة دواوين الإنشاء بالممالك الإسلامية أعلاها الله تعالى على أجمل العوائد وأكمل القواعد بالمعلوم الشاهد به الديوان المعمور على ماشرح فيه‏.‏

وإن كتب به لكاتب السر بالشام أبدل لفظ الممالك الإسلامية بالشأم المحروس‏.‏

وإن كتب به لناظر الجيش بالديار المصرية كتب‏:‏ توقيع شريف بأن يفوض إلى المجلس العالي القاضوي الكبيري الفلاني‏:‏ ضاعف الله تعالى نعمته نظر الجيوش المنصورة بالممالك الإسلامية أعلاها الله تعالى على ما شرح فيه‏.‏

وإن كتب به لناظر الجيش بالشام أبد لفظ الممالك الإسلامية بالشام المحروس‏.‏

وإن كتب به لناظر الدولة كتب‏:‏ توقيع شريف بأن يفوض إلى الممجلس العالي القاضوي الكبيري الفلاني فلان ضاعف الله تعالى نعمته نظر الدواوين المعمورة والصحبة الشريفة على أجمل العوائد وأكمل القواعد بالمعلوم الشاهد به الديوان المعمور على ماشرح فيه‏.‏

وإن كتب به لناظر البيمارستان وكان صاحب سيفٍ كتب‏:‏ توقيع شريف أن يفوض إلى المقر الكريم أو الجناب الكريم أو العالي على قدر رتبته الأميري الكبيري الفلاني فلان الناصري مثلاً‏:‏ أعز الله أنصاره أ نصرته أو ضاعف الله تعالى نعمته بحسب مايليق به نظر البيمارستان المعمور المنصوري على أجمل العوائد وأكمل القواعد لما لذلك من المعلوم الشاهد به الديوان المعمور على ماشرح فيه‏.‏

وكذلك نظر الجامع الجديد ونظر الحرمين الشريفين كل بما يناسب الألقاب‏.‏

وعلى ذلك‏.‏

المرتبة الثانية من التواقيع - مايكتب في قطع الثلث بقلم التوقيعات وهو لمن مرتبته السامي بالياء‏.‏

قال في التثقيف‏:‏ وصورته في الطرة والصدر على ماتقدم شرحه لكن بأخصر مما تقدم‏.‏

قال‏:‏ وبذلك يكتب لنقيب الأشراف ولقضاة القضاة بحلب وطرابلس وحماة وصفد والكرك وكذلك لقضاة العسكر بالممالك المذكورة والمفتين بدار العدل بها ووكلاء بيت المال بها والمحتسبين ونظار الجيش بها وكتاب الدست بمصر والشام وناظر البيوت بالديار المصرية‏.‏

وكذلك ناظر خزائن السلاح ومستوفي الصحبة وناظر بيت المال وناظر الخزانة الكبرى وخزانة الخاص وناظر الأحباس ومشايخ الخوانق الكبار‏:‏ كسعيد السعداء وبيبرس بالقاهرة والشيمصاتية 7 بدمشق وكذلك تقدمة التركمان بالشام وتقدمة الأكراد به ومشيخة العائد‏.‏

فإن كتب بذلك لنقيب الأشراف كتب توقيع شريف أن يستقر المجلس السامي الأميري الفلاني فلان‏:‏ أدام الله تعالى علوه في نقابة الأشراف بالديار المصرية على عادة من تقدمه وإن كتب لقاضي قضاة الشافعية بحلب كتبتوقيع شريف أن يستقر المجلس السامي الأميري الفلاني فلان‏:‏ أدام الله تعالى علوه في نقابة الأشراف بالديار المصرية على عادة من تقدمه وقاعدته على ماشرح فيه‏.‏

وإن كتب لقاضي قضاة الشافعية بحلب كتب توقيع شريف بأن يستقر المجلس السامي القضائي الفلاني فلان‏:‏ أيد الله تعالى أحكامه في قضاء قضاة الشافعية بحلب المحروسة على عادة من تقدمه في ذلك وقاعدته على ما شرح فيه‏.‏

وإن كتب للحنفي بها كتب كذلك وأبدل لفظ الشافعية بالحنفية وكذا في المالكية والحنابلة‏.‏

وإن كتب لأحد قضاة القضاة بغيرها‏:‏ كطرابلس وحماة وصفد والكرك وأبدل لفظ حلب بلفظ تلك المدينة والباقي على حكمه‏.‏

وإن كتب لأحد قضاة العسكر بالممالك المذكورة كتب توقيع شريف بأن يستقر المجلس السامي القضائي فلان الشافعي مثلاً أو نحو ذلك‏:‏ أيد الله تعالى أحكامه في قضاء العسكر المنصور بالمكان الفلاني على عادة من تقدمه في ذلك وقاعدته‏.‏

وإن كتب بإفتاء دار العدل بشيء من هذه الممالك أبدل لفظ قضاء العسكربلفظ إفتاء دار العدل والباقي على حكمه‏.‏

وإن كتب لأحد من وكلاء بيت المال بها كتب‏:‏ توقيع شريف أن يستقر المجلس السامي القضائي الفلاني فلان‏:‏ أدام الله تععالى رفعته في وكالة بيت المال المعمور بالمكان الفلاني على عادة من تقدمه في ذلك وقاعدته‏.‏

وإن كتب لأحد من المحتسبين بهذه الممالك كتب توقيع شريف بأن يستقر المجلس السامي القضائي الفلاني‏:‏ فلان‏:‏ أدام الله تعالى رفعته في نظر الجيوش المنصورة بالمملكة الفلانية على عادة من تقدمه وقاعدته‏.‏

وإن كتب لأحد من كتاب الدست بالديار المصرية كتب توقيع شريف بأن يستقر المجلس السامي القضائي الفلاني فلان‏:‏ أدام الله تعالى رفعته غي كتاب الدست الشريف بالأبواب الشريفة‏.‏

ثم إن كان عن وفاةٍ عينه أو بنزول عينه‏.‏

وإن كان بالشام أبدل لفظ بالأبواب الشريفة بلفظ بالشام المحروس‏.‏

وإن كتب بذلك في نطر البيوت بالديار المصرية كتب توقيع شريف أن يستقر المجلس السامي القضائي الفلاني‏:‏ أدام الله رفعته في خزائن السلاح المنصورة على عادة من تقدمه في ذلك قاعدته‏.‏

وإن كتب ياستيفاء الصحبة كتب توقيع شريف أن يستقر المجلس السامي القضائي الفلاني‏:‏ وإن كتب بنظر الخزانة الكبرى كتب توقيع شريف أن يستقر المجلس السامي القضائي الفلاني أدام الله رفعته في نظر الخزانة العالمية الكبرى على عادة من تقدمه وقاعدته وإن كتب بنظر خزانة الخاص أبدل لفظ الخزانة العالية الكبرى بلفظ خزانة الخاص الشريف والباقي على ماتقدم‏.‏

وإن كتب بنظر االأحباس كتب توقيع شريف أن يستقر المجلس السامي القضائي الفلاني فلان‏:‏ أدام الله تعالى رفعته في نظر الأحباس المبرورة على عادة من تقدمه في ذلك وقاعدته‏.‏

وإن كتب بمشيخة الخانقاه الصلاحية سعيد السعداء كتب توقيع شريف أن يستقر المجلس السامي الشيخي الفلاني‏:‏ أعاد الله تعالى من بركاته في مشيخة الخانقاه الصلاحية على عادة من تقدمه وقاعدته‏.‏

وإن كتب بمشيخة خانقاه بيبرس أبدل لفظ الخانقاه الصلاحية بلفظ الخانقاه الركنية بيبرس والباقي على ماتقدم‏.‏

وإن كتب بمشيخة الشيمصاتية بدمشق أبدل ذلك بلفظ الخانقاه الشميصاتية بالشام المحروس وإن كتب بتقدمة التركمان بالشام كتب توقيع شريف بأن يستقر المجلس السامي الفلاني‏:‏ أعزه الله تعالى في تقدمة التركمان بالشام المحروس على عادة من تقدمه وقاعدته‏.‏

وإن كتب بتقدمة الأكراد أبدل لفظ التركمان بلفظ الأكراد‏.‏

وإن كتب بمشيخة العائد كتب توقيع شريف بأن يستقر المجلس السامي الفلاني‏:‏ أعزه الله تعالى في مشيخة العائد على عادة من تقدمه وقاعدته‏.‏

وعلى ذلك‏.‏

الطبقة الثانية من التواقيع ما يفتتح بلفظ أما بعد حمد الله وهو لمن رتبته السامي بغير ياء وهي على مرتبتين المرتبة الأولى - مايكتب في قطع الثلث وهو الأصل فيما يكتب في الثلث ثم ترقي عنه إلى رتبة الافتتاح بالحمد‏.‏

ألا ترى أن المناشير التي تكتب في قطع الثلث بقلم التوقيعات تفتتح كلعها بلفظ أما بعد على ماسيأتي بيانه في المقالة السادسة في الكلام على المناشير إن شاء الله تعالى‏.‏

وصورته أن يكتب في الطرة توقيع شريف بأن يستقر المجلس السامي القضائي فلان الدين أو الشيخ فلان الدين في كذا على عادة من تقدمه في ذلك وقاعدته على ماشرح فيه ثم يكتب في الصدر أما بعد حمد اللهوصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول‏:‏ فإن أولى الأمور بكذا من هو بصفة كذا أو إن أولى الناس بالتقديم من هو متصف بكذا ونحو ذلك ثم يقال‏:‏ ولما كان المجلس ويؤتى بنحو ماتقدم من المفتتح بالحمد لله‏.‏

قلت‏:‏ وقد قل استعمال هذا الضرب بديوان الإنشاء الشريف وإن كان هو الأصل فيما يكتب في هذا القطع حتى لايكاد يكتب به إلا في النادر تغالياً في رفعة المكتوب لهم مع المسامحة لهم في مثل ذلك‏.‏

المرتبة الثانية - مايكتب من هذه الطبقة في قطع الثلث‏.‏

قال في التثقيف‏:‏ وهو قليل جداً لايكون إلا في تدريس كبير أو نظر وقفٍ كبير أو كبيرٍ قديم الهجرة في الخدمة الشريفة إلا أن الوظيفة صغيرة لاتقتضي أن تكون في قطع الثلث‏.‏

الطبقة الثالثة من التواقيع ما يفتتح بلفظ رسم بالأمر الشريف وهي على مرتبتين المرتبة الأولى - مايكتب في قطع العادة المنصوري بقلم الرقاع وهو لمن رتبته السامي بغير ياء ممن لم تبلغ رتبته قطع الثلث‏.‏

قال في التثقيف‏:‏ وصورته أن يكتب في الطرة توقيع شريف بأن يستقر المجلس السامي القاضي فلان الدين‏:‏ أعزه الله تعالى في كذا أو أن يرتب أو أن يقدم ويذكر ماتضمنه الشاهد من قصةٍ أو قائمةٍ من ديوان الوزارة أو الخاص أو غير ذلك على ماشرح فيه‏.‏

قال‏:‏ ثم يكتب في الصدر بعد البسملة رسم بالأمر الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي الفلاني الفلاني باللقب الخاص ولقب السلطنة‏:‏ مثل الناصري الزيني ونحوذلك ويدعى للسلطان بأدعية تناسب الوظيفة والمتولي لها وأقلها ثلاث فقرات فما زاد أن يستقر المجلس السامي القاضي فلان الدين فلان أو مجلس القاضي فلان الدين فلان‏:‏ أعزه الله تعالى في كذا لما له من صفاتٍ هي كذا وكذا ويأتي من صفات المدح بما يناسب المقام ثم يقال‏:‏ فليباشر ذلك أو فليتلق هذا الإحسان أو فليقابل صدقاتنا الشريفة ونحو ذلك ثم يوصى بما يليق بتلك الرتبة ويدعى له بسجعتين فقط‏.‏

ثم يقال‏:‏ بعد الحظ الشريف أعلاه‏.‏

ثم قال‏:‏ وبذلك يكتب لكتاب الدرج ومستوفي الدولة وناظر الأهراء وناظر المطابخ ومشايخ الخوانق الصغار والتداريس الصغار وأنظار الأوقاف الصغار ونحوذلك مما لايأخذه حصر‏.‏

وحينئذ فإن كتب بذلك لكاتب درج كتب في الطرة توقيع شريف أ يستقر مجلس القاضي فلان الدين فلان‏:‏ أعزه الله تعالىفي كتابة الدرج الشريف وإن كتب به لمستوفٍ من مستوفي الدولة كتب أن يستقر المجلس السامي القاضي فلان الدين فلان‏:‏ أدام الله نعمته في استيفاء الدولة الشريفة على عادة من تقدمه وإن كتب لناظر الأهراء كتب 0 أن يستقر المجلس السامي القاضي فلان الدين فلان‏:‏ أدام الله رفعته في نظر المطابخ السعيدة وإن كتب فنظر مطابخ السكر كتبأن يستقر المجلس السامي القاضي فلان الدين فلان‏:‏ أدام الله رفعته في نظر المطابخ السعيدة‏.‏

وإن كتب بمشيخة خانقاه صغيرة كتب بأن يستقر المجلس السامي القاضي فلان الدين فلان‏:‏ نفع الله تعالى ببركته في مكشيخة الخانقاه الفلانية على عادة من تقدمه في ذلك وقاعدته‏.‏

وإن كتب بتدريس صغير كتب أن يستقر في تدريس المدرسة الفلانية على عادة من تقدمه وقاعدته‏.‏

وإن كتب بنظر وقف كتب أن يستقر في نظر الوقف الفلاني ونحو ذلك‏.‏

ثم إن كان لشيءٍ من ذلك معلوم يشهد به الديوان السلطاني ككتابة الدرج واستيفاء الدولة كتب بعد قوله وقاعدته‏:‏ بما لذلك من المعلوم الشاهد به الديوان المعمور‏.‏

وإن كان الشاهد بالمعلوم كتاب وقف كتب بما لذلك من المعلوم الشاهد به كتاب الوقف المبرور‏.‏

ويقول في آخر طرة كل ولاية من التقاليد والتفاويض والمراسيم والتواقعي على اختلافها‏:‏ على ماشرح فيه‏.‏

الطبقة الرابعة التواقيع الصغار وهي لأصغر ما يكون من الولايات‏:‏ من نظر وقفٍ صغيرٍ ونحو ذلك ويكون في ثلاثة أوصال ونحوها وهي على ضربين‏:‏ وصورتها أن يكتب في أعلى الدرج‏:‏ توقيع شريف بأن يستقر فلان في كذا على ماشرح فيه‏.‏

ويكون ذلك في سطرين ثم يكتب في آخر ذلك الوصل‏:‏ رسم بالأمر العالي المولوي السلطاني إلى آخر ماتقدم في الطبقة الثالثة ويقال في الدعاء‏:‏ ‏"‏ أعلاه الله وشرفه وأنفذه وصرفه ‏"‏ ونحو ذلك ثم قال‏:‏ أن يستقر فلان في كذا ويشرح ماتضمنه الجواب في هامش القصة ثم يقال‏:‏ فليعتمد هذا المرسوم الشريف كل واقفٍ عليه ويعمل بحسبه ومقتضاه من غير عدول عنه ولاخروج عن معناه بعد الخط الشريف أعلاه‏.‏

  الضرب الثاني - مايكتب على ظهور القصص‏.‏

وكيفيته أن تلصق القصة التي شملها جواب كاتب السر أوغيره على وصلين من ورق العادة الصغير‏.‏

قال في التثقيف‏:‏ وصورتها أن يكتب في ظاهر القصة بغير بسملة قبل الوصل الذي وصله بنحو أربع أصابع ماصورته‏:‏ رسم بالأمر الشريف العالي المولوي السلطاني على نحو ماتقدم‏.‏

ويدعى له‏:‏ ‏"‏ أعلاه الله وشرفه وأنفذه وصرفه ‏"‏ على ماتقدم في الضرب الأول ثم يقال‏:‏ أن يتأمل ما أنهاه رافعها باطناً وليتقدم بكذا وكذاويشرح ماتضمنه الجواب في هامش القصة ثم يقال‏:‏ فليعتمد هذا المرسوم الشريف كل واقف عليه ويعمل بحسبه ومقتضاه بعد الخط الشريف أعلاه‏.‏

قال‏:‏ وإن كان رافع القصة ممن هو متميز بعد التميز قيل‏:‏ مترجمها بدل رافعها فإن زيد في قدره قيل‏:‏ ماذكره مجلس القاضي أو المجلس السامي القاضي إن كان من هذه الرتبة وتذكر بعض ألقابه ثم يقال‏:‏ أدام الله علوه أو أعزه الله فليتقدم ويكمل إلى آخره‏.‏

واعلم ان المقر الشهابي ابن فضل الله رحمه الله قد ذكر في التعريف افتتاحات أخرى للتواقيع بين رتبة أما بعد حمد الله ورتبة رسم بالأمر الشريف فقال‏:‏ بعد الافتتاح بأما بعد حمد الله‏:‏ وقد تستفتح بقول‏:‏ أما بعد فإن أولى ماكان كذا أو ماهذا معناه وقد تستفتح بقول‏:‏ من حسنت طرائقه وحمدت خلائقه أو ماهذا معناه وجعلها رتبة بعد رتبة‏.‏

قلت‏:‏ وهذه الافتتاحات كانت مستعملة في الدولة العباسية ببغداد وفي الدولة الفاطمية بالديار المصرية والبلاد الشامية ثم في الدول التركية إلى زمن المقر الشهابي المشار إليه في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون ثم رفضت بعد ذلك وترك استعمالها بالديار المصرية البتة فلم يكن أحد من كتاب ديوان الإنشاء يستعمل شيئاً منها‏.‏

المقصد الثالث في بيان وضع كيفية ما يكتب في هذه الولايات في الورق ما يكتب في هذه الولايات في الورق ويتعلق به عشرة أمور الأمر الأول - الطرة وهي في اصطلاحهم عبارة عن طرف الدرج من أعلاه ثم أطلقوه على ما قلت‏:‏ وليس صحيحاً من حيث اللغة فإنه في الأصل مأخوذ من طرة الثوب‏.‏

وقد ذكر الجوهري وغيره أن طرة الثوب هي طرفه الذي لا هدب فيه والذي لا هدب فيه من الثوب هو حاشيتاه بخلاف أعلاه وأسفله‏.‏

نعم يجوز أن تكون مأخوذة من الطر بمعنى القطع لأن الطرة مقتطعة عن كتابة المتن يفصل بينهما بياض ومنه سمي الشعر المرسل على الصدغ طرة‏.‏

وقد جرت العادة في كل ما يكتب له طرة أن يكتب في أعلى الدرج في الوسط بقلم الرقاع بكل حالٍ ما صورته الاسم الشريف ثم ثكتب الطرة تلو ذلك من أول عرض الدرج إلى آخره دون هامش عن يمين ولا شمال‏:‏ بحيث تكون أطراف المنتصبات من أول السطر الأول ملاصقة لأسفل ماكتب في أعلى الدرج مما تقدم ذكره‏.‏

ويأتي بالطرة المناسبة‏:‏ من تقليدٍ أو مرسومٍ أو تفويضٍ أو توقيع بالقلم المناسب لمقدار قطع ذلك الورق على ما تقدم بيانه ويأتي على مايكتب في الطرة على ماتقتضيه الحال على ماسبق ذكره إلى أن ينتهي إلى آخره فإن انتهى في أثناء سطرٍ ترك باقيه بياضاً وكتب في آخره على ماشرح فيه بحيث يوافي آخر ذلك السطر وإن انتهى مايكتب في الطرة في آخر السطر كتب تحت ذلك السطر على حيال آخره على ماشرح فيه كما تقدم لايختلف الحال في ذلك في مكتوب ولاية إلا فيما يكتب على ظهور القصص فإن العادة جرت فيه أن لايكون له طرة ولايكتب في أعلاه الاسم الشريف‏:‏ لأنه قد علم أنه لايكتب فيه إلا الاسم الأمر الثاني - البسملة الشريفة‏.‏

ومن شأنها أن تكتب في أول كل ولاية لها شأن عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ كل أمر ذي بال لايبدأ فيه بحمد الله فهو أجذم ‏"‏ يعني ناقص البركة ومحلها من كتب الولايات في أول الوصل الرابع بعد أوصال البياض‏.‏

أما مالابال له من كتب الولايات‏:‏ كالتواقيع التي على ظهور القصص وماهو منها على صورة أوراق الطريق فقد جرى الاصطلاح على أنه لايكتب في أولها بسملة أصلاً بل تفتتح برسم بالأمر الشرف‏.‏

قلت‏:‏ وقد كان القاضي علاء الدين علي الكركي حين ولي كتابة السر الشريف بالديار المصرية في أول سلطنة الظاهر برقوقٍ الثانية أمر أن تكتب في أول هذه التواقيع بسملة لطيفة المقدار طلباً للتبرك ثم ترك ذلك بعد موته وانتقال الوظيفة إلأى غيره‏.‏

ولايخفى أن ماعليه الاصطلاح هو الوجه‏:‏ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد قيد مايبدأ بالبسملة بما يكون له بال من الأمور ومقتضاه أن مالابال له لايبدأ فيه ببسملة‏.‏

على أنه قد كان أمر أن تجعل البسملة قبل قوله رسم بالأمر الشريف ومقتضى ذلك أن تقع العلامة فوق البسملة وفيه مالا يخفى بخلاف غيره من الولايات الكبار فإن العلامة تكون فيها تحت السطر الثاني من البسملة على ماسيأتي بيانه‏.‏

 الأمر الثالث - الافتتاح الذي يلي البسملة‏.‏

وقد علمت مما تقدم أن الذي استقر عليه افتتاح كتب الولايات على اختلافها من أعلى وأدنى لايخرج عن ثلاثة أصناف‏:‏ أحدها - الافتتاح بالحمد لله وهو أعلاها‏.‏

ثم تختلف رتبته بعد ذلك باختلاف مايكتب فيه من مقادير قطع الورق‏:‏ إذ هو تارة تفتتح به التقاليد وتارة تفتتح به المراسيم المكبرة وتارة تفتتح به التفاويض وتارة تفتتح به كبار التواقيع‏.‏

الثاني - الافتتاح بأما بعد حمد لله وهو المرتبة الثانية من المراسيم المكبرة والتواقيع الكبار وتكون في قطع الثلث تارةً وفي قطع العادة المنصوري أخرى‏.‏

الثالث - الافتتاح برسم بالأمر الشريف وهو المرتبة الثلثة من المراسيم والتواقيع وهي أدنى رتبها‏.‏

وتكون في قطع العادة الصغير وربما كتب بها في قطع العادة المنصوري‏.‏

 الأمر الرابع - البعدية فيما يفتتح فيه بالحمد لله وهو على ضربين‏:‏ الأول - أن يقال بعد التحميد والتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ أما بعد وهو الأعلى‏.‏

وتكون في التقاليد خاصة‏.‏

الثاني - وبعد وهي دون أما بعد‏.‏

وتكون في التفاويض وكبار المراسيم والتواقيع‏.‏

وقد مر القول على ذلك مستوفى ‏"‏ في الكلام على الفواتح في المقالة الثالثة‏.‏

الأمر الخامس - وصف المتولي بما يناسب مقامه ومقام الولاية من المدح والتقريظ‏.‏

وقد مر القول على ذلك في المقصد الأول من هذا الطرف في الكلام على مقدمات الولايات‏.‏

الأمر السادس - الألقاب المختصة بصاحب الولاية‏.‏

قد تقدم أنه يذكر في الطرة بعض الألقاب التابعة للقب الأصلي‏:‏ من المقر والجناب وغيرهما مع التصريح باسم المولى والدعاء له بما يناسبه على ماتقدم بيانه هناك‏.‏

أما في أثناء الولاية فإنه يستوعب جميع ألقابه ويعاد ذكر الألقاب مستوفى ‏"‏ في المقصد الأول من هذا الفصل في الكلام على مقدمات الولايات‏.‏

الأمر السابع - وصية صاحب الولاية بما يناسب ولايته‏.‏

وقد تقدم التنبيه على ذلك في الكلام على مقدمات الولايات أيضاً‏.‏

الأمر الثامن - الدعاء لصاحب الولاية بما يناسبه إذا كان مستحقاً لذلك‏.‏

وقد ذكر في التعريف أن من استصغر من المولين لايدعى له في أول ولاية ولاآخرها وربما قيل بدل الدعاء أو بعده‏:‏ والخير يكون‏.‏

الأمر التاسع - الخواتم‏:‏ من كتابةإن شاء الله تعالىوالتاريخ والمستند والحمدلة والتصلية على نحو ماتقدم في المكاتبات‏.‏

فأما المشيئة فإنه يكتب في آخر مكتوب كل ولاية‏:‏ إن شاء الله تعالى في سطرٍ منفردٍ‏.‏

وأما التاريخ فإنه يكتب في سطرين كما تقدم في المكاتبات فيكتب كتب في يوم كذا من شهر كذا في سطر ويكتب سنة كذا وكذا في سطر تحته‏.‏

وأما المستند فإنه يكتب تحت التاريخ كما تقدم في المكاتبات‏.‏

فإن كان بتلقي كاتب السر كتب في سطرٍ واحد حسب المرسوم الشريف وإن كان برسالة الدوادار كتب حسب المرسوم الشريف في سطر ثم كتب في سطر تحته برسالة الجناب العالي الأميري الكبيري الفلاني الدوادار الناصريمثلاً وإن كان بخط السلطان كتبحسب الخط الشريف وإن كان بإشارة النائب الكافل كتب بالإشارة العالية الأميرية الكبيرية الفلانية في سطر وكتب كافل الممالك الشريفة الإسلامية أعلاها الله تعالى في سطر تحته وإن كان بإشارة الوزير كتب بالإشارة العالية الصاحبية الوزيرية الفلانية في سطر ثم كتب في السطر الثاني مدير الممالك الشريفة الإسلامية أعلاها الله تعالى وإن كان الوزير صاحب سيف أسقط منها الصاحبية‏.‏

أللهم إلا أن يكون مرسوماً صغيراً أو توقيعاً صغيراً مما كتب في هيئة ورقة الطريق أو على ظهر القصة فإنه إن كان بتلقي كاتب السر كتب المستند على حاشية التوقيع على سمت مابين السطر الأول والثاني وإن كان بإشارة النائب الكافل كتب هناك بالإشارة العالية سطرين على نحو ماتقدم فيما يكتب تحت التاريخ وإن كان بإشارة الوزير فالأمر كذلك وإن كان برسالة الدوادار كتب على الحاشية هناك حسب المرسوم الشريف ثم كتب تحت التاريخ برسالة الجناب العالي إلى آخر المستند‏.‏

وأما الحمدلة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ففي سطر تحت المستند كما في المكاتبات يكتب فيها الحمد لله وحده ثم يخلي بياضاً ثم يكتب وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلامه‏.‏

وأما الحسبلة ففي سطر تحت ذلك يكتب فيه حسبنا الله ونعم الوكيل على ماتقدم في المكاتبات‏.‏

الأمر العاشر - البياض الواقع في كتب الولايات وله ستة مواضع‏:‏ الأول - فيما بين الطرة والبسملة وهي ثلاثة أوصال بالوصل الذي فيه الطرة لايتجاوز ذلك في مقدار قطع كبير ولاصغير‏.‏

إلا أنه ربما اقتصر على وصلين فيما استصغر شأنه من الرتبة الثالثة من التواقيع‏.‏

الثاني - الحاشية فيما على يمين البسملة ومابعدها‏.‏

وأهل زماننا يعبرون عن ذلك بالهامش ولم أجد له أصلاً في اللغة‏.‏

وقد تقدم القول عليها في المقالة الثالثة في الكلام على متعلقات قطع الورق وماينخرط في سلكه‏.‏

أما آخر الأسطر فإنه لابياض فيه على أن ملوك الروم يجعلون لكتبهم حاشيةً من أول الأسطر وحاشيةً من آخرها على ماتقدم القول عليها في الكتب الواردة عن صاحب القسطنطينية‏.‏

الثالث - بيت العلامة وهو فيما بين السطر الأول‏:‏ وهو الذي يلي البسملة وبين السطر الثاني‏:‏ وهو الذي يكون في آخر وصل البسملة‏.‏

وقد تقدم في الكلام على مقادير الورق في المقالة الثالثة أن مقداره في الزمن القديم كان قدر شبر وقد شاهدناه دون ذلك بقليل فيما كتب به في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون على مايشهد به الموجود من تواقيعهم ثم تناقص قليلاً فلما غلا الورق وقصرت الأوصال نقص مقداره حتى صارنحو نصف شبر وهو على ذلك إلى الآن‏.‏

ويزيد ذلك وينقص باعتبار قطع الورق فإنه في القطع الكبير يكون الوصل أطول منه في القطع الصغير‏.‏

الرابع - مابين الأسطر في متن الولاية وهو على مقدار النصف من بيت العلامة في القطع الكبير والقطع الصغير لايكاد ذلك يختلف إلا في التواقيع والمراسيم التي هي على هيئة أوراق الطريق والتي على ظهور القصص فإن مابين السطرين منها يكون متضايقاً حتى يكون بقدر ثلاثة أصابع مطبوقةٍ‏.‏

الخامس - مابين أسطر اللواحق فيما بعد إن شاء الله تعالى فإنه يكون مابين كل سطرين في متن الولاية إلا في المستند إذا كان سطرين مثل أن يكون برسالة الدوادار ونحوها فإن السطرين يكونان متلاصقين‏.‏

السادس - ما بعد اللواحق في آخر الكتاب وهو قدر يسير قدر إصبعين مطبوقين أو ثلاثة أصابع مطبوقاتٍ وما قارب ذلك‏.‏

 

المهيع الثاني ما يكتب في متن الولايات من التقاليد والمراسيم

في ذكر نسخ مما يكتب في متن الولايات من التقاليد والمراسيم المكبرة والتفاويض والتواقيع قلت‏:‏ وقد كنت هممت أن أجعل ابتداآت التقاليد والتفاويض والمراسيم والتواقيع‏:‏ من الافتتاح بالحمد لله أو بأما بعد حمد الله أو برسم بالأمر الشريف في فصل مستقل ومقاصدها المتعلقة بالوظيفة في فصل على حدة ليختار الكاتب الذي لا يحسن الإنشاء ما أحب من الابتداآت المناسبة للاسم أو اللقب ونحوهما ثم يبين القصد المتعلق بالوصف‏.‏

ثم أضربت عن ذلك وأتيت بالنسخ على صورتها لأمور‏:‏ منها - أن في تضييع النسخة إفساداً لصورتها وضياع فضيلة المنشئين وإشاعة ذكرهم‏.‏

ومنها - أن يعرف أن الصورة التي تورد مما كتب به في الزمن السابق وأنها مصطلح قد اصطلح عليه أهل ذلك الزمان‏:‏ ومنها - أن يعرف المنشئ ترتيب من تقدم لينسج على منواله‏.‏

وإذا أراد من لا دربة له بالإنشاء أخذ تحميدة من تقليد أو توقيع وغيرهما ونقلها إلى مقصد من مقاصد الولاية لم يعجزه ذلك‏.‏

ثم قسمته على ثلاثة أقسام‏:‏ ولايات وظائف الديار المصرية وهي على نوعين النوع الأول الولايات بالحضرة وهي على ستة أضرب الضرب الأول ولايات أرباب السيوف وهي على طبقتين الطبقة الأولى ذوات التقاليد وهي على ثلاث وظائف الوظيفة الأولى الكفالة وهي نيابة السلطنة بالحضرة وقد تقدم في الكلام على ترتيب وظائف المملكة في المقالة الثانية أن الكفالة هي أعلى رتب السلطنة وأن النائب الكافل يحكم في كل مايحكم فيه السلطان ويعلم في التقاليد والتواقيع والمناشير وغير ذلك بخلاف غيره من النواب فإن كل نائب لايعلم إلا على مايختص بخاصة نيابته‏.‏

وقد تقدم في مقدمة الولايات أن لقبه المقر الكريم على مااستقر عليه الحال‏.‏

وهذه نسخة تقليد بكفالة السلطنة كتب بها من إنشاء الشهاب محمود الحلبي رحمه الله وهي‏:‏ الحمد لله الذي جعل ركن الدولة في دولتنا القاهرة ثابت القواعد على فرقد الفراقد راقياً في رتب العلو الآخذة من أفق التأييد بالمطالع ومن نطق العز بالمعاقد حالياً بعقود المهابة التي لاتزال لرعبها على الأعداء طلائع خيلٍ في المراقب وروائع خيال في المراقد حاوياً من أنواع المفاخر مالو كاثرته الدراري غدت وهي لمجموعة فراقد أو فاخرته الدرر ثقبتها الأفكار النواقد مقلداً من سيفو الظفر مالاتنبؤ في نصرة الإسلام مضاربه وكيف تنبؤ وأوامرنا لعقود حمائلها على عواتق مجده عواقد‏.‏

نحمده على نعمه التي عدقت أمور دولتنا بمن يرفع بأسه منارها وعقدت قواعد مملكتنا بمن يوالي فضله أنوارها وعضدت همم أوليائنا بمن إذا تخيلت أعداء الدين مواقع صوارمه كان أمنع صونها إسارها وأنفع سلاحها فرارها‏.‏

ونشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له شهادة تشرق الهمم بلوامعها وتشرف الكلم بجوامعها وتزكو الأمم بما تنقل الألسنة منها عن القلوب إلى مسامعها ونشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي أقامنا الله لنصر دينه وألهمنا تفويض مصالح أمته إلى كل ولي مارفعت راية نصر إلا تلقاها عرابة مجده بيمينه وعضدنا في جهاد أعدائه بأعز صفي ينوب بأسه للجيش عن طليعته ويقوم رأيه في الحرب مقام كمينه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين الذين اختارهم لصحبته وارتضاهم وأرهفهم لإقامة ملته وانتضاهم فمنهم من فاز بمزيتي سيقه وتصديقه ومنهم من كان الشيطان ينكب عن طريقه ومنهم من اختار الشهادة على الانتصار بفريقه ورفيقه ومنهم من أقامه بشرف الأخوة معه مقام شقيقه صلاة يبلغه إخلاص مقيمها ويعرض عليه إيمان مديمها وسلم‏.‏

أما بعدن فإنا - من حين أورثنا الله ملك الإسلام لا عن كلالة وألبسنا في مواقف الذب عن دينه حلل العز المعلمة بالجلالة وكمن لنا في أرضه وأنهضنا بمسنون الجهاد وفرضه ونشر دعوة ملكنا في طول الوجود وعرضه - لم نزل نرتاد لكفالة الممالك الإسلامية من تأوي منه إلى ركن شديد ورأي سديد وحزمٍ يقرب من مواهب النصر كل بعيد وعزم إذا أرهف صوارمه من أدنى الصعيد وجف لهول مواقعها باب الحديد فهو المطوي في أثناء ضمائرنا وإن تقلدنا قبله سواه والمنوي في أحناء سرائرنا وإنما لامريءٍ مانواه قد حلب قدم هجرته الدهر أشطره وكتب حسن خبرته من عنوان السير أسطره وتمثلت مرآة الزمان لفكره فاجتلى صور الوقائع في صفائها وترددت تجارب الأمم على سمعه فعلم ما يأتي ومايذر في تركها واقتفائها واستقبل دولة أسلافنا الشريفة من فواتحها فكان لسان محاسنها وبنان ميامنها وخزانة سرها وكنانة نهيها وأمرها وطليعة تأييدها وذريعة أوليائها إلى عوارفها وجودها وعنوان أخبارها وعنان سوابقها التي لاتدرك مآثر من سلف شق غبارها ويمين قبضتها المصرفة بين البأس والندى وأمين آرائها المؤيدة بالتوفيق اللدني على العدا وركنها المشيد بالأسل وهو ماتبنى عليه الممالك وحصنها المصفح بالصفاح فلا تستطيع الأهواء أن تتوقل إليه تلك المسالك وزعيم جيوشها التي اجتنت من قصب قواضيه ثمر النصر غير مرة ومتقدم عساكرها التي اجتلت به وجوه الظفر الحلوة في أيام الكريهة المرة‏.‏

ولما كان المقر الكريم الفلاني هو معنى هذه الصفات المبهمة ومبنى هذه القواعد المحكمة وطراز حلل هذه الأحوال المعلمة وسر المقاصد الظاهرة وسلك هذه النجوم الزاهية بل فلك هذه الدراري الزاهرة‏:‏ تحلق صوادح البراعة فتقع دون أوصافه بمراحل وتغوص سوابح اليراعة فيلقيها العجز عن استخراج دور نعوته بالسواحل فأوصافه تذكر على وجه الإجماع لعجز ألسنة الأقلام عن بلوغها إلى غايتها ووصولها فلذلك اقتضت آراؤنا الشريفة أن نفسح مجال الهدى بتفويض إيالة الممالك إليه وأن نقطع آمال العدا بالاعتماد في زعامة الجيوش الإسلامية عليه وأن نقر عيون الرعايا بإلقاء مقاليد العدل والإحسان إلى يديه وأن نصون عقائل المالك من مهابته بما يغدو سوراً لعواصمها وسواراًلمعاصمها وشنباً تفتر ثغورها عن بروقه أو لهباً يقطع طريق أمل العدا عن تخيل خيالها في طروقه ليعتضد الدين منه بركنه ويتغلب على الشرك في حالتي حربه ووهنه ويتقلب كل من رعايانا بين وهاد يمنه ومهاد أمنه - رسم بالأمر الشريف - لازال ملكه على الأركان راقياً من أفق النصر إلى أعلى مكانةٍ وأرفع مكان - أن تفوض إليه نيابة السلطنة الشريفة بالديار المصرية والممالك الإسلامية شرقاً وغرباً وبعداً وقرباً فلا يخرج منها شيء عن أوامره وأحكامه ولايعدل في سلمها وحربها عن حكمي سيوفه وأقلامه‏.‏

فليستقر في هذه الرتبة العالية استقرار الأركان المواكث والأطواد اللوابث والأصول النوابت والنجوم الثوابت مؤثلاً قواعدها برأيه السديد ورايته معوذاً كمالها بسيف النصر وآيته مبتدئاً في إعلاء منارها من العدل بأقصاه ومن الإحسان بغايته مكثراً أعداد الجيوش الإسلامية برأيه السعيد مقرباً من مطامح النصر النائية كل بعيد موكلاً بحركات العدو وسكناته جفناً لايألف الغرار وسيفاً لايعرف القرار وعزماً لايرضى من عدوه دون اصطلامه الفرار فلاتزال جيوش الإسلام بجميل تعاهده مزاحة العوائق مزالة العلائق لامانع لها عن الركوب ولاقاطع عن الوثوب قد أعدتها عزائمه فكل زمانها بالتأهب للقاء وقت إمكانه وأمدت بأسها صوارمه فهي لاتسأل عن عدد عدوها بل عن مكانه مقيماً منار العدل الذي هو أساس الملك ودعامته ورأس الحكم بأمر الله في خلقه وهامته ونور الخصب الكافل بمصالح العباد والبلاد وعامته ناشراً له في أقطار الممالك ماحياً بنور إقامته آية ليل الظلم الحالك معاضداً أحكام الشريعة المطهرة بالانقياد إليها والاعتماد في الحل والعقد عليها والاحتفال برفع منارها‏:‏ فإن ذلك من أفضل ماقدمته الدول الصالحة بين يديها مقدماً عمارة البلاد على كل مهم‏:‏ فإنها الأصل الذي تتفرع عنه المصالح على افتراقها والمادة التي تستطيل الجيوش الإسلامية على العدا بتوسعها في إنقادها وإنفاقها والأسباب التي تعين الغيوث على نماء مابسط الله لعباده من أرزاقها وأكد مصالحها الرفق الذي ماكان في شيء إلا زانه والعدل الذي مااتصف به ملك إلا حفظه وصانه فقد جعلنا أمره في ذلك جميعه من أمرنا المطاع واقتصرنا عن ذكر الوصايا بما في خصائصه الكريمة من حسن الاضطلاع وجميل الإطلاع واكتفينا بما في خلائقه الجميلة من محاسن لو تخير نفسه لم يزدها على مافيه من كرم الطباع والله تعالى يؤيده وقد فعل ويجعل ركنه من أثبت قواعد الدين وقد جعل إن شاء الله تعالى‏.‏

وهذه نسخة تقليد بكفالة السلطنة أيضاً وهي‏:‏ الحمد لله الذي زان دولتنا القاهرة من حسامها بتقليده وصان حمى ممالكنا الشريفة من أوليائنا بمن تغدو مواقع سيوفه من كل عدو قلائد جيده وزاد جلالة الملك بمن إذا ركب في مواكب نيابته أورد جياد رعبه من كل متوج من ملوك العدا مناهل وريده وفوض تقدمة جيوشنا المنصورة إلى من تضاعف مهابته في عيون العدا عدد جنوده وتعزوه سرايا خيله في يقظته وتطلع عليه طلائع خياله في هجوده وإذا صلت سيوفه في موقف وغى أغرت رأس كل مستكبر لم يعرف الله قبل ركوعه بسجوده مشرف أقدار أوليائنا من المراتب بما تشرف به أقدار المراتب في نفسها ومفضل أيام دولتنا على الدول بما ألفته من جلالة ملكنا في أمسها ومجمل سير أصفيائنا من المعدلة بما إذا غرسته في قلوب الرعايا كان الدعاء الصالح ثمرة غرسها ومقلد خواصنا من إيالة الملك مالإذا خطبت به الأقلام على منابر الأنامل نقلت البلاغة نقلت البلاغة في تلك الأوصاف عن قسها ومفيض حلل الأنباء المرقومة بأسنى الرتب على من إذا زانت حبرها اللابس زانها بلبسها وإذا أشرقت به هالة المواكب لوغى ‏"‏ سقطت فوارس ملوك العدا عن مراكبها واضطربت الأسرة بملوك فرسها وإذا كتمته الأعداء أنباءها نطقت ألسنة رياحه بأسرار أهل الشرك ولايرى أسمع من صمها ولاأفصح من خرسها وإذا تطاولت أبطال الوقائع للقائه افترت ثغور سيوفه عن شنب النصر لإلفها بمعانقة الأعناق وأنسها‏.‏

نحمده على نعمه التي جادت شرف أسمائنا إلى أسماع المنابر وأنطقت بمضاعفة الأنباء لأوليائنا ألسنة الأقلام في أفواه المحابر وأعادت بسيف النصر حقوق ملكنا الذي تلقيناه مع الأولية والأولوية من أسلافنا الكرام كابراً عن كابرٍ‏.‏

ونشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له شهادة لاتزال سيوفنا بإعلاء منارها ناهضة وجياد جهادنا لنشر دعوتها في الآفاق راكضة ومواد نعمنا ونقمنا لأمال حامليها باسطة ولأرواح جاحديها قابضة ونشهد أ سيدنا محمداً عبده ورسوله الذي أيده الله تعالى بنصره وآتاه من معجزاته مايحول البصر دون حصره وجعله أمام الأنبياء وإمامهم مع تأخر عصره ونصره بالرعب الذي زحزح كل ملك عن سريره وأنزل كل متوج من قصره صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين هجروا في نصرته مألوف الأوطان والأوطار وركبوا في لإقامة ملته مخوف الأهوال والأخطار وفتحوا بيمن دعوته مااشتملت عليه المشارق والمغارب من الأرجاء الممتدة والأقطار صلاةً لايزال سيف جهادنا لدوامها مقيماً وحكم جلادنا لإقامتها مديماً وسلم تسليماً كثيراً‏.‏

وبعد فإن أولى من سمت التقاليد بأوصافها وصرفت أمور الممالك بين بأسه وإنصافه وحليت مواقف الخدمة الشريفة من جواهر مهابته بما هو جدير بحلي السيف وزينت مجالس العدل من إبالته بما هو مبرأ من الميل والهوى منزه عن الظلم والحيف وملئت القلوب من مخافته بما يمنع ذا القوة في الباطل من توهم البطش وذا الصبوة في الهوى من استزاره ويحسن لها الفرار ويهون عليها في حنب ماتتوقعه من مواقع سيوفه البي والإسار وعدق به من مصالح الأقاليم مايصرفه بيمين دأبها اليمن ويسار شأنها اليسار وفوضت زعامة الجيوش منه إلى همام يقوم بأمرها على مايجب وليث لو لم ينهض بألوفها المؤلفة في الوقائع لكان من نفسه وحدها في جحفل لجب ومقدام آلاف العدا في شجاعته آحاد وضرغام قسور أهل الكفر بين يدي وثباته وأسودهم تقاد من لم نزل نعده في أركان البيت الشريف المنصوري بالخناصر ونعده للمواقف التي ليس للدين فيها غير تأييد الله وحد السيف ناصر وندخره من معادن أوليائنا الذين تمسكوا من الانتماء إلينا بأمكن الأسباب وأقوى الأواصر ونقلد أعطاف الأواصر منه سيفاً يرمى منه بيت العدا ومعاقلهم بأفتك حاصدٍ وأفلل حاصر فكم من مواقف شفع فيها الشجاعة بالخضوع لربه ومواطن لبس فيها قلبه على الدرع إذا لبس غيره الدرع على قلبه ومسالك سلكها في طاعة الله وطاعتنا والسيوف تنفر من قربها ومشاهد شهدها في طاعة الله وطاعتنا والقلوب تفر من حجبها وليالٍ قطعها في خدمتنا لم يصحب غير ألسنة أسنته وأعين شهبها ومقاصد للدين بلغها والسهام لاتحملها من الفرق قوادم النسور وسرايا وقف بينها وبين العدا فضرب بينهم من شجاعته بسور وبحار حرب لم تتجاسر السوابح على قطعها حتى مد عليها من معوجات سيوفه قناطر ومن مقومات ذوابله جسور وكم أنام الرعايا في مهاد عدله فلم يطرقها طيف ظالم في الكرا ولاروع سربهم خيال مغير أوهمهم السرى بل كانوا محفوظين بمهابته محفوفين بمواهبه وادعين في ظله الذي مادجا عليهم ليل خطب إلا أطلع لهم بدور الأمن في ولما كان فلان هو الذي سار بذكر مهابته المثل وصار له في قلوب الأعداء من الرعب ماتشابه فيه القاتلان الوجل والخجل وجمع محاسن الصفات فما أخذ عنه أو نطق به أو نظر إليه إلا وجد ملء المسامع والأفواه والمقل ولاجرد على العدا سيفاً إلا وودعت أرواحهم الأجساد ولاأرهف في مجالس العدل والإحسان قلماً إلا وضمنت له الآجام التي نشأ بها كرم السيول وسطوة الآساد ولاطلع في أفق مواكب إلا وهالت العدا هالة بدره ودلت على عظم سلطاننا رفعة قدره وشهدت له بحسن طاعتنا طاعة أمرائنا لأمره وأسلف من خدمة والدنا السلطان الشهيد مالم تزل به عندنا حقوق مرعية وسوابق مرضية ورتبة تقديم سنية ومزية تقريب جعلته مشاهداً بالعيان مقدماً في النية - اقتضت آراؤنا الشريفة أن نروع العدا بسيفه ونريهم على تقدمته على الجيوش يقظة ماكانوا يروونه حلماً من طيفه وليعلم الأعداء معاجلة أخذهم بالعنف والحيف وأننا لاتأخذنا في الله لومة لائم فليس بيننا وبين أعداء الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إلا السيف‏.‏

فلذلك رسم بالأمر الشريف - لازالت ممالك الإسلام به مفترة المباسم عالية مدى المهابة إذا طرقتها عواصف رياح العدا وقفت دون بلوغها دامية المناسم - أن تفوض إليه نيابة السلطنة الشريفة بالممالك الإسلامية على العادة في ذلك والقاعدة تفويضاً يفيض على الممالك حلل المهابة ويسلب أعداء الذين رداء الأمن فلا ينفعهم الخضوع ولا الإنابة ويضاعف لنا أدعية الرعايا الصالحة بإجرائهم على ماألفوه من العدل والإحسان فمنهم الدعاء الصالح ومن كرم الله الإجابة‏.‏

فليتقلد هذه الرتبة الدالة على ارتفاع قدره لدينا الشاهدة له باحتفالنا بما أوجبه إخلاصه من حقوق الطاعة والولاء علينا المنبهة على أنه سيفنا الذي نصون الممالك بحده ونصول على العدا بمضائه الذي تهلل وجوه النصر كلما أسفر من غمده وليستقر في ذلك نافذاً في المصالح الإسلامية أمره مغيراً على جيوش الأعداء ذكره معملةً في حماية الدين بيضه المرهفة وسمره مجملةً بإشراق طلعته مطتالع المواكب مسيرةً نجوم أسنته إلى قلوب أعداء الدين مسير الكواكب مخفقةً بخفوق رايته مساعي الكفر الصادرة عن آمالهم الكواذب ليعلم عدو الله أنه أشد طلباً له من أجله وألزم لعنقه من عمله وأسبق إليه من رجع صوته وأنزل عليه من مفاجأة موته وليجمل النظر في مصالح الجيوش الإسلامية بما يضاعف عدتها ويبقي على توالي الأحقاب حدتها وجدتها ويأخذهم بإدامة التمرن في الحروب وإطالة عنان التأهب للركوب ويعين كلاً منهم بملاحظة حاله على استدامة قوته وإمكانه ويجعلهم بالاقتباس من شجاعته من القوم الذين لايسألون عن عدد عدوهم بل عن مكانه وليكن لكلمة الشريعة الشريفة رافعاً ولشبه من يمتنع عن الانقياد إلى الأحكام دافعاً وعلى يد من يتطرق إلى الخروج عن أحكامه آخذاً ولمن لم يسلك الأدب بين يدي حكامه بما يقتضيه تعظيم الحكم العزيز مؤاخذاً وليأمر النواب بإقامة منار العدل الذي يوم منه خير للأرض من أن تمطر أربعين يوماً ويصرف إلى مصالح الثغور الإسلامية وحمايتها فكراً لم يختر دعةً ونظراً يأنف أن يألف نوماً وملاك الوصايا تقوى الله وهي من خصائص نفسه الكريمة وراحة روحه التي هي للفكر في مصالح الإسلام مديمة فليجتهد في المحافظة عليها مااستطاع ويمض لها في مصالح الإسلام أمره الذي جعلناه من أمرنا مطاع‏.‏

وهذه نسخة تقليد بكفالة السلطنة أيضاً كتب به عن السلطان الملك أبي بكر ابن الناصر محمد بن قلاوون للأمير طقزدمر أمير مجلس في سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة بعد أن بطلت في دولة أبيه الملك الناصر عدة سنين وهي‏:‏ الحمد لله الذي اصطفى لسلطاننا المنصور من ينوب عنا في رعاية الجمهور أحسن مناب وأضفى على ملكنا المعمور من رياسته أسر سربال ومن حراسته أجل جلباب وكفى دولتنا الشريفة بساسته مهمات الأمور‏:‏ فلتأييدها بقيامه دوام ولتشييدها باهتمامه استصحاب وشفى الصدور بصدور إشارته المباركة التي لها بأوامرنا العالية اقتران ومن ضمائرنا الصافبة اقتراب وأوفى له من برنا العميم بحقه الذيله بعهده استحقاق للتقديم وإيجاب وسبقه القديم الذي له من سعيد المصاهرة أكرم اتشاج ومن حميد المظاهرة ألزم انتساب‏.‏

نحمده على أن بصر آراءنا بطرق الوفاق وسبل الصواب ونشكره على أن نصر راياتنا في الآفاق‏:‏ فلقلوب العدا من خوفها إلرهاق وإرهاب‏.‏

ونشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له شهادةً منزهة عن الشك والارتياب موجهة إلى قبلتها التي ترضاها الألباب ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله الذي أظفر عزمه بالثبات وقهر خصمه بالتباب ووفر قسمه من الإنجاد ويسرحزبه للإنجاب وأظهر اسمه بعد اسمه فحلا في الأفواه ذكره وطاب صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين سلكوا من بعده في رعاية عهده أحسن الأداب صلاة متصلة الأسباب موصلة إلى خير مآل متكلفة بنعم باب لايزال لسحب جودها في الوجود انصباب ولمقترب وفودها ورود إلى مظان الرضوان من غير إغباب ماجرد انتقامنا على الأعداء سيف سطاً يقد الرقاب وأورد إنعامنا الإولياء بحر ندى زاخر العباب وجدد قيامنا بعلم هدى مرت عليه الأعوام ومالمح له أثر ولافتح له باب واعتمد مقامنا الشريف في الجمع للقلوب والتأليف على أعلى ولي أعلى جناب وسلم تسليماً كثيراً‏.‏

أما بعد فإن أولى من اعتمدنا في الإنجاب والإنجاح على ديانته وانتجدنا فيما أردنا من الاستصحاب للصلاح بإعانته واعتضدنا في تقطين الممالك وتأمين المسالك بصيانته ورعينا عند والدنا الشهيد - سقى الله عهده صوب الرضوان - على علو مكانه ودنو مكانته فاكتفينا في كفالة الأمة ولإيالة النعمة بخشيته من ربه واستكانته - من حمدت سجاياه وتعددت مزاياه واستندت إلى ماأمر الله تعالى به من العدل والإحسان في الأحكام قضاياه ووجدت منه الزهد والرفق رعاة الإسلام ورعاياه فهو الممدوح فعله من جميع الألسنة الممنوح فضله في سائر الأزمنة الملموح عليه آثار القبول الظاهر من عناية الله لما نواه من الخير لخلق الله وأبطنه فهو عاضد السلطنة الذي حل من العلياء موطنه وكافل المملكة الذي سبق إلى كل مجد فأدركه وسيف الدولة الحامي الحوزة البادي الصولة ومن له اشتمال على العليا ومن يقارن التحقيق له رأساً ولايباين التوفيق له سعياً ويعاون الهدى والنهى على طول المدى له أمراً ونهياً ويعاين الورى لسلطاننا المنصور منه مهدياً يجمل لدولتنا حفظاً ويحسن لملكنا رعياً‏.‏

وكان فلان هو الذي لم يزل متعين المحاسن متبين الميامن متمكن الرياسة في كل الأماكن فحلمه إذا اضطربت الجبال الرواسي ثابت ساكن وعلمه الزائد بأوضاع السياسة وأنواع النفاسة للوجود من بهجته زائن ورأيه الصائب للبلاد والعباد صائن ورعية للخلق بالحق‏:‏ القوي منه خائف والضعيف إليه راكن وبشره هادٍ للرائي وبادٍ للمعاين وذكره الجميل سائر في الآفاق والأقطار والمدائن حتى أظهر الله تعالى بإمداد نيرنا الأعظم من إشراق بدره الكامل ماهو في سر الغيب كامن وشهر سيفه الذي يغدو الإيمان من مهابته في كنفٍ منيعٍ وحرم آمن‏.‏

ولما مضت على منصب النيابة الشريفة في أيام والدنا الشهيد بضع سنين وانقضت الأيام والليالي والدهر بموهبتها ضنين ولاوطيت لها ربوة ولا امتطيت لها صهوة وكانت في سلك ملكه مندرجة وبصفو سلطنته ممتزجة إلى أن قضى عليه الرضوان النحب وأفضى من الجنان إلى المحل الرحب رأينا بعده بمن كان يتحقق وده أن نستأنس وأمضينا وصيته المباركة في اختيار ثمرة الإخلاص بمن كان له الاختصاص يغرس وأفضينا إليه بالمناب عنا لما كان من أنوار والدنا الشهبد في كل تسديد يقتبس ومن الاسئشار بمجالسته يفوز فيحوز حكم الحكم لأنه كان أمير ذلك المجلس وقضينا باعتماد أمره الكريم بعد أمرنا الشريف‏:‏ لأنه الخبير الذي لاينبهم عليه شيء من خفايا القضايا ويلتبس - اقتضى حسن الرأي الشريف إلقاء مافي أيدينا من مقاليد الممالك إلى يده وإبقاء وديعة هذا الأمر العظيم إلى صونه وعونه وتشدده ولإيفاء جنابه إلى حميد هذه الغاية التي هي للمناسبة مناسبة لسؤدده‏.‏

فلذلك رسم بالأمر الشريف - لازال يجمع شمل الإسلام بتعينه وتفرده ويرجع أمر الأنام منه إلى مأمون الرأي رشيده سفاح السيف مهنده منصور العزم مؤيده ويوسع الخليقة إذا وليهم بالرأفة والرحمة ومن أولى من أبي بكر بأن يخص أصحاب محمد عند الخلافة بإعذاب منهل الجود ومورده - أن تفوض إليه نيابة السلطنة الشريفة بالممالك الإسلامية - أعلاها الله تعالى - نيابةً شاملةً محيطة كاملة بسيطة تعني كل أمير ومأمور وتدني أمرها الذي يعامل بالإجلال ويقابل بالسرور براً وبحراً وسهلاً ووعراً غوراً ونجداً بعداً وقرباً شرقاً وغرباً ومامنحه الله تعالى لوالدنا الناصر من الممالك ويدخر لسلطاننا المنصور ويخبى‏:‏ تستوعب أمر مانأى من هذه الأقاليم ودنا وتجب طاعته فيها على كل من كان مؤمناً ويمتثل في ذلك كله أمره وتعمل فيه الروية فيجمل فكره ويؤمل فيه فتحه ونصره وينقل به مدحه وشكره ولاينفصل منحه وبره ناظراً في هذه النيابة الشريفة بفكره التام سائراً فيها السير الجميل من الدربة والإلهام ناشراً ظلال المعدلة على من سار أو أقام مظاهراً بجنابه منل أجل مقام‏.‏

ونحن وإن كنا نتحقق من خلاله الحسنى كل وصف يسنى ونثق منه بذي الصدر السليم الذي هو على المقاصد يعان وبالمحامد يعنى فلسنا نخل بالوصية التي نعلم أن به عنها استغنا ولكننا لانترك بها التبرك ولاندع ماسن الله تعالى منها وشرع ولانغفل مايجب به أن يحتفل فقد وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه وأمضى أمره المسموع كل ذي رجوع إلى الله تعالى منهم وإنابة فقد أولاه الله تعالى كل جميل قبل أن ولاه وحلاه بالسمات والمكرمات قبل أن رفع علاه وأعطاه ماأرهب العدا من سطاه وهداه إلى كل رشد تأتم به الهداة‏.‏

فأهم ذلك تقوى الله تعالى وهو عليها مجبول وأمرها عنده متلقى بالقبول والعدل فهو فهو من مأمول والاتصاف بالإنصاف فهو دأبه فيما يفعلويقول والجهاد‏:‏ فعزائمه في ميدانه تجول وصورامه بها من قراع فرسانه فلول والزعماء والأكابر‏:‏ فلهم من محافظته اعتناء وبملاحظته شمول والعساكر الإسلامية‏:‏ فبتأييده تبظش أيديهم بالعدا وتصول وزعماء البلاد فلهم إلى ظل رحمته إيواء وبكنف نعمته ظلول وممالك الإسلام فما منها إلا معمور بما أوته كفالته مأهول وثغوره فكلها بسام بفتكاته التي ألقى رعبها في البحر فهو بين كل فاجر وبين البحر يحول وماهو بذلك من حميد المسالك موصول ومحله المقدم لأنه أهم الأصول‏:‏ من إكرام الحكام وإبرام الأحكام واستيفاء الحدود واقتفاء السنن المعهود‏:‏ من إنجاز الوعود وإحراز السعود والإجهاز على كل كفور وجحود والاحتراز من فظاظة الناس بلإفاضة الجود فكل ذلك على خاطره مسرود ولما آثره مورود وفي ذخائره موجود ومن خبرته معلوم معهود وعن فكرته مشهور ومن فطرته مشهود فليسع أمرنا هذا جميع الأمراء والجنود وليرجع إليه كل من هو من جملة المد معدود وليقابل مرسومنا بالسمع والطاعة أهل السنة والجماعة ساعة الوقوف عليه وحالة الورود والله تعالى يصلح ببقائه الوجود ويمنح باهتمامه المقصود ويفتح المعاقل باعتزامه الذي ليس بمردود عن مراده ولامصدود بل يصبح الكفر من خوفه محصوراً ويمسي وهو بسيفه محصود والعلامة الشريفة أعلاه حجة بمقتضاه إن شاء الله تعالى‏.‏

يوصى بتقوى الله تعالى وتنفيذ الأحكام الشرعية ومعاضده حكامها واستخدام السيوف لمساعدة أقلامها وتفقد العساكر المنصورة وعرضها وإنهاضهم لنوافل الخدمة وفرضها والتخير للوظائف وإجراء الأوقاف على شرط كل واقف والملاحظة الحسنى للبلاد وعمارة أوطانها وإطابة قلوب سكانها ومعاضدة مباشري الأموال مع عدم الخروج عما ألف من عدل هذه الأيام الشريفة وإحسانها وتحصين مالديه وتحسين كل ماأمره إليه واستطلاع الأخبار والمطالعة بها والعمل بما يرد عليه من المراسيم المطاعة والتمسك بسببها وأنه مهما أشكل عليه يستضيء بنور آرائنا العالية فهو يكفيه ومن قتل من الجند أو مات وخلف ولداً يصلح لإقطاعه يعين به ليقوم بمخلفيه ويقال من هذا مايقوم بتمام الغرض ويوفيه‏.‏

 

الوظيفة الثانية الوزارة لصاحب سيف

واعلم أن أول من أطلق عليه لقب الوزارة في الإسلام أبو حفص الخلال وزير أبي العباس السفاح أول خلفائهم كما ذكره القضاعي فيعيون المعارف في أخبار الخلائف ثم صارت الوزارة بعد ذلك للخلفاء والملوك دائرةً بين أرباب السيوف والأقلام تارةً يليها صاحب سيف وتارةً يليها صاحب قلم إلا أنها في أرباب الأقلام أكثر وعلى ذلك جرى عرف الدريا المصرية من ابتداء الأمر وإلى الآن‏.‏

ومما ينبه عليه أن الوزير إذا كان صاحب سيف كان في مجلس السلطان قائماً في جملة الأمراء القائمين وإذا كان صاحب قلم كان جالسل ‏"‏ كما يجلس أرباب الأقلام‏:‏ من كاتب السر وغيره‏.‏

وهذه نسخة تقليد بالوزارة كتب به للأمير سيف الدين بكتمر‏.‏

وهي‏:‏ الحمد لله الذي شد أزر دولتنا القاهرة من أوليائنا بأمضى سيف وعضد أيامنا الزاهرة من أصفيائنا بأعدل ولي لايوجد في حكمه حيف وعدق تدبير أمور ممالكنا الشريفة بمن تحجب مهابته ذوي الأطماع الطامحة عما لايحب فلا يلم بهم فيها خاطر ولا يطرقهم بها طيف جاعل التأييد لآرائنا مصباحاً والتوقيق موافقاً لأوامرتا التي لاتهمل من مصالح الإسلام مندوباً ولاتدع من مهمات الملك واجباً وغلإقبال تالياً لمراسيمنا في ارتياد من يغدو قلب المحق من حيفه ساكناً وقلب المبطل من خوفه واجباً واليمن تابعاً لاستخارتنا في انتخاب من لم يزل في خدمتنا الشريفة للأدعية الصالحة جالباً ولمنافع الإسلام والملك طالباً ولمضارهما حاجباً‏.‏

نحمده على نعمه التي عضدت أيامنا بمن جمعت أدواته رتبتي السيف والقلم وعدقت تدبير ممالكنا بمن أحرزتصفاته مزيتي العلم والعلم وشد أزر دولتنا بمن يبيض بمعدلته من صحائف أيامنا ماهو أحب إليها من حمر النعم‏.‏

ونشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له شهادة نعدها للقائه ونتيمن بها في افتقاده من نعتضد به في مصالح أهلها وانتقائه ونقدمها أمام كل أمر ندخره لاعتلاء ولينا بالتقى وارتقائه ونشهد أن محمداً عبده ورسوله الذ أرسله إلى الأمم طراً وخصه بالأمة التي جعل أمارة سبقها إلى الخيرات أن غدت محجلةً غراً وأيده بنصره وبالمؤمنين الذين مامنهم إلا من أعرض عن زخرف الدنيا وإن كان حلواً وقال الحق وإن كان مراً صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين ولوا أمته فعدلوا والذين تمسكووا بسنن سنته فما حادوا عنها ولاعدلوا صلاةً لاتوال الألسن لإقامتها مديمة والقلوب لإدامتها مقيمة وسلم تسليماً كثيراً‏.‏

وبعد فإن أولى من أبرزت الضمائر في الاعتضاد به مكنون طويتها واعتمدت الخواطر في تصريح علانيتها بأولويته لمصالح الإسلام على نيتها وشتوفت البلاغة لرقم مفاخره وتنافست المعاني في تخليد ملآثره وهنأت المعدلة نفسها برفع لوائها وأبدت الدولة أنسها بناشر برها في الأقطار وآلائها وافترت ثغور الأقاليم المحروسة بمن تلهج بمصالحها ألسنة أقلامه واخضرت ربى آمال الأولياء بما يسفر عنه من تهلل بهاء غرر أيامه من هززنا منه لمصالح الإسلام سيفاً يصل ماأمر الله به أن يوصل ويفصل منمهمات الممالك مايقتضي الحق أن يفصل ويبرز من معادن العدل والإحسان ماهو في سر خلائقه كامن وينزل من استقامت سيرته في الحمى المخصب والحرم الأمن ويصون الأموال بمهابته فلا تمتد إليها هواجس الأطماع ولا تتجاسر أبصار غير الأمناء أن تقص نبأ رؤيتها على الأسماع ويضاعفها بخبرته التي تهديها الأمانة إلى معادنها وتدلها النزاهة على مواطنها وتبدي لها ظواهر الأعمال أسرار بواطنها ويعمر بيوت الأموال بعمارة البلاد ويثمر فروع الطوارف من مصالحها بحفظ أصول التلاد ويكف أكف الظلم عن الرعايا فلا يخشى محق على حقه ولايخاف مستقيم على ماقسم له من رزقه ولا يطمح قوي إلى من يستضعف جانبه ولايطمع باغ في الحيف على أحدٍ مخالطه في نشب كان أو مجانبه‏.‏

ولما كان الجناب العالي الفلاني هو الذي أشير إلى مناقبه واعتضد منه بمطيع لله في السر والعلن ومراقبه وفوض تدبير الممالك منه إلى من لاتأخذه في الحق لومة لاشم واعتدت أيامنا الزاهرة منه على من طالما سرى في مصالحها على جياد العزائم وشد أزر الملك من موازرته بمن يكسو دست الوزارة أبهةً وجلالاً ويلبس منصبها سناً لو ملكته الشمس مارامت عن بروج شرفها انتقالاً ويمد على الرعايا لواء عدل لايقلص له هجير الظلم كما تتقلص الظلال ظلالاً وتطلع به شموس الأرزاق على أولياء دولتنا لكن لاترهب كالشموس غروباً ولازوالاً مع مهابة تخيف الأسد في أجماتها ومعدلة تعين الغيوث على رفع محول البلاد ودفعع أزماتها وديانةٍ زانها التقى وخبرةٍ صانها الورع وهما أفضل مابه يرتقى‏.‏

وكانت الوزارة الشريفة نظام المملكة وقوامها وذروة الدولة وسنامها وتاج المراتب وإكليلها وعتاد الخزائن الجامع دقيق المصالح الإسلامية وجليلها - اقتضت آراؤنا الشريفة أن تزين هذه الرتبة بجوهر فرنده وأن يصدر منصبها عن مناقب لاتصدر إلا عن جهته ومفاخر لاترد إلا من عنده وأن يطلف في مصالحها قلمه ويمضي في قواعدها أشاراته وكلمه ويطلع في أفقها شمس تدبيره ويعدق به مايراه في أمورها من صغيرالأمر وكبيره وأن نجعل مسامع الأقاليم على سعتها إلى أوامره وتواهيه مصغية وأن تصد بسمعته عمن بعد عوارض الإمهال الملهية ومواقع الإهمال المطغية‏.‏

فلذلك رسم بالأمر الشريف - لازالت سحائب بره مستهلة وركائب المحامد إلى حرم نعمه مهلة - أن تفوض إليه الوزارة الشريفة بالممالك الإسلامية على أكمل القواعد وأجمل العوائد تفويضاً يعلي مرامه ويمضي مضاء ألسنة الأسنة أقلامه ويبسط في مصالح الأقاليم المحروسة يده ولسانه ويلقي إليه من مهمات كل قطر أزمته ليصرف على مايراه من المصالح عنانه‏.‏

فليستقر في هذه الرتبة السنية استقرار الدرر في أسلاكها والدراري في أفلاكها نافذ الأمر في مصالح شرقها وغربها مطاع القول في بعد أماكنها منه وقربها ناشراً كلمة العدل في أرجائها محققاً بالإحسان آمال أممٍ قصرت على كرمنا ممدود رجائها معلياً منار الشرع الشريف بمعاضدة حكامه والوقوف عند ألأوامره المطاعة وأحكامه حافظاً أقدار الرتب بأكفائها معتمداً على ذوي البيوت المحافظين على اتباع سير أسلافهم واقتفائهم معولاً على ذوي البيوت المحافظين على اتباع سير أسلافهم واقتفائهم معولاً على ذوي الخبرة التامة مع الديانة مراعياً مع ظهور المعرفة جانب العفة والنزاهة والصيانة موكلاً بمصالح بيوت الأموال والخزائن المعمورة مواد الأموال ومعينها صارفاً إلى عمارة البلاد جميل تدبير تعتضد البحار والسحب منه بمساعهدها على ري الأرض ومعينها ميسراً مواد أرزاق خدم دولتنا القاهرة وأوليائها بجميل بشره وحسن روائه مسهلاً مطالب أرباب الرواتب والصدقات بطلاقة وجهٍ لو تأمله امرؤ صادي الجوانح لارتوى من مائه‏:‏ ليتوفر أهل الوظائف على خدمهم بقلوب منبسطة الآمال ويناضل عنها الفقراء بسهام الليل التي لاتطيش إذا طاشت النبال فقد جعلنا أمره في ذلك جميعه من أمرنا فليكتب يمتثل وليقل في مصالحنا بما يراه يسر كلامه سري الرياح ويسر قوله سير المثل ولايمض عقد ولاحل ولا ولاية ولا عزل ولارفع ولاخفض ولاإبرام ولانقض إلا عن رأيه وإشارته وبنص خطه وعبارته‏.‏

وفي سيرته السرية وديانته التي هي من أسباب الهوى عرية مايغني عن وصايا تملى على فكره وقواعد تحجلى على ذكره وملاكها تقوى الله‏:‏ وهي من أخص أوصافه ونشر العدل والإحسان وهما من نتائج إنصاته لأمور الرعايا وإنصافه لكن على سبيل الذكرى التي تنفع المؤمنين وترفع درجات المتقين فليجعلها نجي خاطره وقبلة ناظره والله تعالى يعلي قدره وقد فعل ويجعله من عباده المتقين وقد جعل بمنه وكرمه‏.‏

والاعتماد على الخط الوظيفة الثالثة الإشارة وهي وظيفة قد حدثت كتابتها ولم يعهد بها كتابة في الزمن القديم وهذه نسخة تقليد أنشأته بالإشارة للأمير جمال الدين يوسف البشاسي إستادار في الدولة الناصرية فرج حين فوضت إليه الإشارة مضافة إلى الاستدارية وكتب له به المقر الشمسي العمري كاتب الدست الشريف في شعبان سنة تسع وثمانمائة وهي‏:‏ الحمد لله الذي جدد للديار المصرية بالمحاسن اليوسفية رونق جمالها وأعز جانبها بأجل عزيزٍ ملأت هيبته الوافرة فسيح مجالها وأسعد جدها بأسعد مشير أدارت آراؤه الصائبة متقاعس الأمور مابين يمينها وشمالها وأكرم مآبها بأمثل كاف عاد حسن تدبيره بضروبٍ من المصالح أنام الخلق من ظلالها وأجاب سؤلها بأكمل لم تعدل عن خطبتها له وإن أطال في مطالها‏.‏

نحمده على أن أغاث الدولة القاهرة بمن أخصب به بعد الإمحال ربعها وطال بطوله بعد القصور فرعها وحسن في المناظر بحسن تأتيه لذي التأمل ينعها‏.‏

ونشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له الذي شرع المشورة وحث عليها وعدق أمر السيف والقلم بها فردهما عند اختلاف الرأي إليها شهادةً ترفع قائلها إلى أسنى المراتب وتعليه وتقرب المخلص في انتحالها من مقام الاستخلاص وتدنيه ونشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي ورد وارد الأمة من منهل شرعته المطهرة ماعذب مشرعه ورداً وصدراً والتقطت السيارة أحاديث فضله فصيرتها للرفاق سمراً صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين تقيلوا مساحب أذياله في العدل فعدلوا ولزموا منهج سننه الواضح فما حادوا عن سواء السبيل ولاعدلوا صلاة تفوق العدا حصراً وترفع بركاتها عن الأمة حصراً وترفع بركاتها عن الأمة حصراً وتبدل العسر يسراً فتعيد عجاف الزمانت سماناً وسنبلات الوقت بعد اليبس خضراً وسلم تسليماً كثيراً‏.‏

أما بعد فإن للمملكة قواعد تبنى عليها وأركاناً تستند إليها ودعائم يشد بالاعتضاد بها بنيانها وعمداً في الممهمات سلطانها وهذه البماني وإن اتسع نطاقها وامتد بامتداد المملكة رواقها فإن بالسيف والقلم قوامها وبالتعلق بحبالها بقاءها ودوامها إذ كانا قطبين عليهما مدار فلكها ونقطتين عنهما ينشأ الخط المستقيم في تدبير ملكها وزعيمين يترافع إليهما عند التحالف ولايقوم أحدهما برأسه لدى التخالف بل لهما إمام يرجعان إليه ويعولان عند اضطراب الأمور عليه وهو الرأي الذي لايقطع أمر دون حكمه ولايهتدي سارٍ في مهامه المهمات إلا بنجمه إذ كان على الشجاعة مقدماً ودليله من المعقول والمنقول مسلماً والمتسم به لايزال عند الملوك مبجلاً معظماً ولايقدمون عليه ولداً ولاوالداً ولايؤثرون على معاضدته عضداً ولا ولا ساعداً إن أشار برأي تمسك الملك منه بالحبل المتين أومحضه كلام نصح قال‏:‏ ‏"‏ إنك اليوم لدينا مكين ولما كان الجناب العالي الأميري الكبير إلى آخر ألقابه يوسف اناصري‏:‏ ضاعف الله تعالى نعمته هو الذي حنكته التجارب و حلب الدهر أشطره وعرف بتقليب الأمور على ممر الزمان مخبره مع مااشتمل عليه من الرأي الصاشب والفكر الذي إذا أبدت قريحته في الارتياء عجباً أتت فطرته السليمة بالعجائب‏.‏

هذا وقد علا في الدولة القاهرة مقامه ورشقت أغراض مقاصدها بانقضاء الآجال في الوقائع سهامه وساس العساكر فأحسن في سياستها التدبير وبذل في نفقاتها الأموال فمال فيها إلى الإسراف دون التقتير واستجلب الخواطر فأخذ منها بمجامع القلوب واقتاد النفوس الأبية قهراً فأطاعه من بين الشمال والجنوب وقام من المهمات الشريفة بما لم يسبقه إليه سابق وأتى من خوارق العادات في التفيذ بما لم يلحقه فيه لاحق وبادر إلى ترتيب المصالح فرتبها ولم يعقه في انتهاز الفرصة عن دفع المفاسد عائق وأخذ في حط الأسعار فورد منهلاً من المعروف صافياً وأمر بإبطال المعاملين فكان له عملاً على توالي الأزمان باقياً ولازم بعد رضا الله تعالى رضا ملكه ففاز بأشرف المآثر في الحديث والقديم وتأسى في تعريفه بنفسه بيوسف عليه السلام فقال‏:‏ ‏"‏ اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم ‏"‏ - اقتضى حسن الرأي الشريف تنويهنا بذكره وتقديمه على غيره ممن رام هذه الرتبة بحجب دونها والله غالب على أمره‏.‏

فلذلك رسم بالأمر الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي الناصري الزيني - لازال يجمع لأوليائه شمل المعالي ويرقي أصفياءه في درجات العز على ممر الأيام والليالي - أن تفوض إلى المشار إليه الإشارة الشريفة التي هي أسنى المقامات وأعلاها وأقصى المرامات لدينا وأغياها مع ما انضم إلى ذلك من النظر في الوزارة الشريفة التي جل قدرها وعلا في المناصب ذكرها والخاص الذي اختص بمهماتنا الشريفة والديوان المفرد الذي غمر ممالكنا السعيدة ذا الوظيفة وغير ذي الوظيفة وتعلقات المملكة شرقاً وغرباً ولوازمها المفترقة بعداً وقرباً‏.‏

فليتلق مافوض إليه بيمينه التي طالما ربحت في الطاعة صفقتها ويقابله بالقبول الذي محله من القلوب مهجتها مقدماً تقوى الله تعالى فيما خفي من مقاصده وظهر مؤثراً رضاه في كل مايأتي ويذر معتمداً في المصالح اعتماد ذي اليقظة الساهر آتياً من غرائب الرغائب بما يحقق قول القائل‏:‏ كم ترك الأول للآخر والوصايا كثيرة ومن بحره تستخرج دررها ومن سوابق آرائه تستوضح أوضاحها وغررها والله تعالى يديم عليه نعم إقبالنا الباطنة والظاهرة ويتولاه من العناية بما يحقق له دائم قوله‏:‏ ‏"‏ أنت وليي في الدنيا والآخرة ‏"‏ والاعتماد على الخط الشريف أعلاه تعالى أعلاه إن شاء الله تعالى‏.‏

الطبقة الثانية ممن يكتب له من أرباب السيوف الوظيفة الأولى نظر البيمارستان لصاحب سيف الحمد لله رافع قدر من كان من خدمتنا الشريفة كريم الخلال ومعلي درجة من أضفى عليه الإخلاص في طاعتنا العلية مديد الظلال ومجدد نعم من لم يخصه اعتناؤنا بغاية إلا رقته هممه فيها إلى أسنى رتب الكمال ومفوض النظر في قرب الملوك السالفة إلى من لم يلاحظ من خواصنا أمراً إلا سرنا ما نشاهد فيه الأحوال الحوال‏.‏

نحمده على نعمه التي لاتزال تسري إلى الأولياء عوارفها ومناهله التي لاتبرح تشتمل على الأصفياء عواطفها وآلائه التي تسدد آراءنا في تفويض القرب إلى من إذا باشرها سر بسيرته السرية مستحقها وواقفها‏.‏

ونشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له شهادةً رفع الإخلاص لواءها وأفاض الإيمان على وجوه حملتها إشراقها وضياءها ووالى الايقان إعادة أدائها بمواقف الحق وإبداءها‏.‏

ونشهد أن محمداً عبده ورسوله المخصوص بعموم الشفاعة العظمى المقصوص في السنة ذكر حوضه الذي من شرب منه شربةً فإنه بعدها لايظما المنصوص على من نبوته في الصحف المنزلة وبشرت به الهواتف نثراً ونظماً صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين فازوا من طاعته بالرتب الفاخرة وحازوا بالإخلاص من محبته سعادة الدنيا والآخرة وأقبلوا على حظوظهم من رضا الله ورضاه فلم يلووا على خدع الدنيا الساحرة صلاةً دائمة الاتصال آمنةً وبعد فإن أولى الأمور بالنظر وأحقها بتوفير الفكر على اعتباد مناهجها واعتماد مناجحها أمر جهات البر التي تقرب بها السلطان الشهيد الملك المنصور قدس الله روحه إلى من أفاض نعمه عليه وتنوع في إنشائها فأحسن فيها كما أحسن الله إليه ورغب بها فيما عند الله‏:‏ لعلمه أن ذلك من أنفس الذخائر التي أعدها بين يديه وحل منها في أكرم بقعة نقله الله بها عن سريره إلى مقعد صدق عند ربه وعمر بها مواطن العبادة في يوم سلمه بعد أن عفى بها معاقل الكفر في يوم حربه وأقام بها منار العلوم فعلا منالها وأعد للضعفاء بها من مواد البر والإلطاف مالو تعاطته الأغنياء قصرت عن التطاول إليه أموالها وأن نرتاد لها من إذا فوضنا إليه أمراً تحققنا صلاحه وتيقنا نجتحه واعتقدنا تنمية أمواله واعتمدنا في مضاعفة ارتفاعه وانتفاعه على أقواله وأفعاله وعلمنا من ذلك مالانحتاج فيه إلى اختبار ولااعتبار ولايحتاج في بيان الخبرة فيه إلى دليل إلا إذا احتاج إليه النهار لنكون في ذلك بمثابة من ضاعف لهذه القرب أسباب ثوابها أو جدد لها وقفاً‏:‏ لكونه أتى بيوت الإحسان في ارتياد أكفاء النظر من أبوابها‏.‏

ولما كان فلان هو الذي نبهت أوصافه على أنه ماولي أمراً‏:‏ إلا وكان فوق ذلك قدراً ولااعتمد عليه فيما تضيق عنه همم الأولياء إلا رحب به صدراً ولا طلع في أفق رتبة هلالاً إلا وتأملته العيون لأجل رتب الكمال بدراً يدرك مانأى من مصالح مايليه بأدنى نظر ويسبق في سداد مايبائره على مايجب سداد الآراء ومواقع الفكر‏.‏

ونحن نزداد غبطة بتدبيره ونتحقق أن كل كل ماعدقنا به إليه من أمر جليلٍ فقد أسندناه إلى عارفه وفوضناه إلى خبيره - اقتضت آراؤنا الشريفة أن نعدق بجميل نظره هذا المهم المقدم لدينا وأن نفوض إليه نظر هذه الأوقاف التي النظر في مصالحها من آكد الأمور المتعينة علينا‏.‏

فرسم بالأمر الريف - لازال فضله عميماً وبره يقدم في الرتب من كان من خواص الأولياء كريماً - أن يفوض إليه كيت وكيت‏.‏

فليل هذه الرتبة التي أريد بها وجه الله وماكان لله فهو أهم وقصد بها النفع المتعدي إلى العلماء والفقراء والضعفاء زمراعة ذلك من أخص المصالح وأعم ولينظر في عموم مصالحها وخصوصها نظراً يسد خللها ويزيح عللها ويعمر أصولها ويثمر محصولها ويحفظ في أماكنها أموالها ويقيم بها معالم العلوم في أرجائها ويستنزل بهامواد الرحمة لساكنها بألسنة قرائها ويستعيد صحة من بها من الضعفاء بإعداد الذخائر لملاطفة أسقامها ومعالجة أدوائها ويحافظ على شروط الواقف في إقامة وظائفها واعتبار مصارفها وتقديم ما قدمه مع ملاءة تدبيره باستكمال ذلك على أكمل مايجب وتمييز حواصلها بما يستدعي إليها من الأصناف أبت يعز زجزدها ويجتلب وضبط تلك الحواصل التي لاخزائن لها أوثق من أيدي أمنائه وثقاته وىمودع لها أوفق من أمانة من يتقي الله حق تقانه فلذلك وكلناه في الوصايا إلى الوظيفة الثانية نظر الجامع الطولوني من إنشاء المقر البدري ابن المقر العلائي بن فضل الله صاحب ديوان الإنشاء الشريف في الدولة الظاهرية برقوق كتب به المقر الشمسي العمري كاتب الدست الشريف لأبي يزيد الدوادار وهي‏:‏ الحمد لله الذي أقام أوليائنا خير ناظر يقر به كل ناظر وأدام بنا بناء المعروف الزاهر وحسنه الباهر وأنام الأنام في مهاد الأمن بانتقاء ولي لسان الكون حامد له ومادح وشاكر وفتح أبواب السعادة باصطفاء صفي طاب بسفارته كل خاطر من مقيم وخاطر ومنح أسباب السيادة بأوفى وفي وفي عمر بوجوده الوجود وغمر بجوته كل بادٍ وحاضر وأبصر بالدين المتين والفضل المبين فأقمناه للنظر على بيوت الله تعالى لأولويته بذلك‏:‏ إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر 0 نحمده على نعمه التي ظهرت بالمزيد فسرت السرائر وظهرت بنور الرشد المديد فأشرق بها الباطن والظاهر ونشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له العزيز القادر شهادةً صدقت في الإخلاص بها الألسنة والضمائر ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله معدن الأسرار وبحر الجود الزاخر ومنبع الأنوار صاحب الآيات الظاهرة والمعجزات الباهرة والمفاخر الذي يبعثه الله مقاماً محموداً يحمده الأوائل والأواخر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه النجوم الزواهر الذين جاهدوا في الله حق جهاده فكان كل منهم للدين الحنيف أعظم مجتهد ومؤيد وناصر وسلم تسليماً كثيراً‏.‏

وبعد فإن أولى من ألقيت إليه مقاليد الأمور وصرفناه في جميع مصالح الجمهور وفوضنا إليه النظر في بيوت الله تعالى ليعمرها بنظره السعيد وتضاعف له الأجور ومكنا له في دولتنا الشريفة حتى صار قطب فلكها عليه تدور وبسطنا يده ولسانه فهو ينطق عنا ويأمر بالقضاء والقدر في الورود والصدور وقيدنا الأرزاق بقلمه والمهمات بكلمه فلافضل إلا من فيضه المنشور - من امتاز على غيره بفضيلتي السيف والقلم وتقدم في الطاعة الشريفة بأثبت قدم كان بها من السابقين الأولين من القدم واتصف بالشجاعة والشهامة والمعرفة التامة والحلم والعدل والحكم فهو الترجمان عنا الناطق بفصل الخطاب في السر للترك والعرب والعجم وعرف بالرأي السديد والنظر السعيد والتدبير الحميد والقول المفيد والجود والكرم وطبع على الخير الجزيل والدين الجميل عمره في الحق قائم لاتأخذه في الحق لومة لائم طالما أحسا بحسن السفارة من العدم‏.‏

هو واحد في الفضل والنظر السعيد لأبي سعيد‏.‏

قد تفرد في العفة والديانة والثقة والأمانة والتحف بالصفا وتردى بالوفا وشفى بالخير والجبر من كان بالفقر على شفا فحصل له الشفا ووفى بالعهود والمواثيق وذلك أمر ماخفى ولحق في الجود والدين بسميه أبي يزيد البسطامي الولي‏:‏ قالوا‏:‏ الولي أبو يزيدٍ قد مضى وهو الفريد بفضله والصادق‏!‏ قلت‏:‏ الأمير أبو يزيدٍ مثله هذاك سابقه وهذ اللاحق‏!‏ ولما كان فلان هو المشار إليه بهذه الصفات الحسنة والمناقب التي تنوعت في مدائحها الألسنة وعرف بالجود فملك حبه الأفئدة فارتفعت الأصوات بالدعاء له معلنة طالما أنال النعم وأزال النقم وجبر القلوب وكشف الكروب وجلا ظلام الخطوب ونشر المعروف وأغاث الملهوف وأنقذ من المهالك وعمر بتدبيره الممالك ووصل الأرزاق وأجرى الأطلاق على الإطلاق - اقتضت آراؤنا الشريفة أن نعتمد في جميع الأشياء عليه ونلقي مقاليد الأمور إليه وننوط به المهمات وغيرها‏:‏ ليكون العلم بالكليات والجزئيات لديه‏.‏

فلذلك رسم بالأمر الشريف - لازال يتحف بالمزيد من كرمه ويسبغ جلابيب نعمه ويجري بحر فضله الواسع ويعم بنظره المقربين من أوليائه كل جامع للخير جامع أن يستقر‏.‏

فليتلق هذا التفويض الجليل بقبوله ويبلغ الجامع المذكور مايرتقبه من عمارته التي هي غاية مأمولة‏.‏

ومنه تؤخذ الوصايا لأنه لساننا الناطق وسفير مملكتنا العالم بالحقائق والدقائق فلايحتاج أن يوصى ولاأن نفتح معه في الوصية باباً ومايصلح أن يقال لغيره لايجوز أن يكون له خطاباً‏:‏ ومثلك لايدل على صوابٍ وأنت تعلم الناس الصوابا‏!‏ والله تعالى يؤيده في القول والعمل ويعم بوجوده وجود الوجود وقد فعل ويبقيه مدى الدهر ويستخدم لسعوده الساعة واليوم والجمعة والشهر ويجعل بابه الطاهر مفتوحاً للقاصدين على الدوام ويقيمه واسطة عقد الملك فإنه مبارك أينما كان ورحمة للأنام والاعتماد على الخط الشريف أعلاه حجة بمقتضاه إن شاء الله تعالى‏.‏